المكان في الفن

يتخذ الرسام موقعا ما في مكان مهجور، ليطل منه إلى العالم، تاركا مسافة معقولة من البعد والصد، كي لا يصبح المكان المرسوم مقتحما أو فجا، وهذه المسافة تعطيه نوعا من التأمل، الذي يتيح له اقتحام المشهد، أو الانسحاب في الوقت المناسب، وهي لعبة الحرب ذاتها في الميدان، محفوفة بكل أنواع الخديعة والخطر، والرسام محارب من نوع خاص ، فهو يريد اقتناص المشهد دون أن يخسر براءته ، وهو كالمصور الفوتوغرافي، الذي يريد تصویر حدث ما دون ما حاجة إلى التمثيل أو الافتعال مع فارق كبير ما بين الاثنين، فالرسام لا يريد واقعية المشهد، وإنما يريد براءته فقط وهي براءة تحتفي بالصدق المتولد عن التعامل المباشر مع الخامة والمكان وحساسية الإبداع وتتيح للفنان تعديل ما يستجد من إمكانات هذه اللعبة وتوالدها